فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{مسطورًا} أي مثبتًا بالأسطار، وهذه الجملة مستأنفة كالخاتمة، لما ذكر من الأحكام، ولما كان ما سبق أحكام عن الله تعالى، وكان فيها أشياء مما كانت في الجاهلية، وأشياء في الإسلام نسخت.
أتبعه بقوله: {وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم} أي في تبليغ الشرائع والدعاء إلى الله، فلست بدعًا في تبليغك عن الله.
والعامل في إذ، قاله الحوفي وابن عطية، يجوز أن يكون مسطورًا، أي مسطورًا في أم الكتاب، وحين أخذنا.
وقيل: العامل: واذكر حين أخذنا، وهذا الميثاق هو في تبليغ رسالات الله والدعاء إلى الإيمان، ولا يمنعهم من ذلك مانع، لا من خوف ولا طمع.
قال الكلبي: أخذ ميثاقهم بالتبليغ.
وقال قتادة: بتصديق بعضهم بعضًا، والإعلان بأن محمدًا رسول الله، وإعلان رسول الله أن لا نبي بعده.
وقال الزجاج وغيره: الذي أخذ عليهم وقت استخراج البشر من صلب آدم كالذر، قالوا: فأخذ الله حينئذ ميثاق النبيين بالتبليغ وتصديق بعضهم بعضًا، وبجميع ما تضمنته النبوة.
وروي نحوه عن أبيّ بن كعب، وخص هؤلاء الخمسة بالذكر بعد دخولهم في جملة النبيين.
وقيل: هم أولو العزم لشرفهم وفضلهم على غيرهم.
وقدم محمد صلى الله عليه وسلم، لكونه أفضل منهم، وأكثرهم أتباعًا.
وقدم نوح في آية الشورى في قوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا} الآية، لأن إيراده على خلاف.
الإيراد، فهناك أورده على طريق وصف دين الإسلام بالأصالة، فكأنه قال: شرع لكم الدين الأصيل الذي بعث عليه نوح في العهد القديم، وبعث عليه محمد خاتم الأنبياء في العهد الحديث، وبعث عليه من توسط بينهما من الأنبياء المشاهير.
والميثاق الثاني هو الأول، وكرر لأجل صفته.
والغلظ: من صفة الأجسام، واستعير للمعنى مبالغًا في حرمته وعظمته وثقل فرط تحمله.
وقيل: الميثاق الغليظ: اليمين بالله على الوفاء بما حمله.
واللام في {ليسأل} قيل: يحتمل أن تكون لام الصيرورة، أي أخذ الميثاق على الأنبياء ليصير الأمر إلى كذا.
والظاهر أنها لام كي، أي بعثنا الرسل وأخذنا عليهم المواثيق في التبليغ، لكي يجعل الله خلقه فرقتين: فرقة يسألها عن صدقها على معنى إقامة الحجة، فتجيب بأنها قد صدقت الله في إيمانها وجميع أفعالها، فيثيبها على ذلك؛ وفرقة كفرت، فينالها ما أعد لها من العذاب.
فالصادقون على هذا المسؤولون هم: المؤمنون.
والهاء في {صدقهم} عائدة عليهم، ومفعول {صدقهم} محذوف تقديره: عن صدقهم عهده.
أو يكون {صدقهم} في معنى: تصديقهم، ومفعوله محذوف، أي عن تصديقهم الأنبياء، لأن من قال للصادق صدقت، كان صادقًا في قوله.
أو ليسأل الأنبياء الذي أجابتهم به أممهم، حكاه علي بن عيسى؛ أو ليسأل عن الوفاء بالميثاق الذي أخذه عليهم، حكاه ابن شجرة؛ أو ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم، قاله مجاهد، وفي هذا تنبيه، أي إذا كان الأنبياء يسألون، فكيف بمن سواهم؟ وقال مجاهد أيضًا: {ليسأل الصادقين} أراد المؤدين عن الرسل. انتهى.
وسؤال الرسل تبكيت للكافرين بهم، كما قال تعالى: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} وقال تعالى: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} {وأعد} معطوف على {أخذنا} لأن المعنى: أن الله أكد على الأنبياء الدعاء إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين.
{وأعد للكافرين عذابًا أليمًا} أو على ما دل عليه: {ليسأل الصادقين} كأنه قال: فأثاب المؤمنين وأعد للكافرين، قالهما الزمخشري.
ويجوز أن يكون حذف من الأول ما أثيب به الصادقون، وهم المؤمنون، وذكرت العلة؛ وحذف من الثاني العلة، وذكر ما عوقبوا به.
وكان التقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم، فأثابهم؛ ويسأل الكافرين عما أجابوا به رسلهم، كقوله: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الانباء} و{أعد لهم عذابًا أليمًا} فحذف من الأول ما أثبت مقابله في الثاني، ومن الثاني ما أثبت مقابله في الأول، وهذه طريقة بليغة، وقد تقدم لنا ذكر ذلك في قوله: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} وأمعنا الكلام هناك. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

قوله: {يا أيها النبي اتق الله} أي دم على ذلك، وازدد منه {وَلاَ تُطع الكافرين} من أهل مكة، ومن هو على مثل كفرهم {والمنافقين} أي الذين يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر.
قال الواحدي: إنه أراد سبحانه بالكافرين أبا سفيان وعكرمة وأبا الأعور السلمي، وذلك أنهم قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ارفض ذكر آلهتنا، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها.
قال: والمنافقين عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن سعد بن أبي سرح.
وسيأتي آخر البحث بيان سبب نزول الآية: {إنَّ الله كَانَ عَليمًا حَكيمًا} أي كثير العلم والحكمة بليغهما، قال النحاس: ودلّ بقوله: {إنَّ الله كَانَ عَليمًا حَكيمًا} على أنه كان يميل إليهم: يعني: النبي صلى الله عليه وسلم استدعاء لهم إلى الإسلام، والمعنى: أن الله عزّ وجلّ لو علم أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنهم لأنه حكيم، ولا يخفى بعد هذه الدلالة التي زعمها، ولكن هذه الجملة تعليل لجملة الأمر بالتقوى، والنهي عن طاعة الكافرين، والمنافقين، والمعنى: أنه لا يأمرك أو ينهاك إلا بما علم فيه صلاحًا أو فسادًا، لكثرة علمه وسعة حكمته.
{واتبع مَا يوحى إلَيْكَ من رَبّكَ} من القرآن، أي اتبع الوحي في كل أمورك، ولا تتبع شيئًا مما عداه من مشورات الكافرين والمنافقين، ولا من الرأي البحت؛ فإن فيما أوحي إليك ما يغنيك عن ذلك، وجملة: {إنَّ الله كَانَ بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرًا} تعليل لأمره باتباع ما أوحى إليك، والأمر له صلى الله عليه وسلم أمر لأمته، فهم مأمورون باتباع القرآن كما هو مأمور باتباعه، ولهذا جاء بخطابه وخطابهم في قوله: {بمَا تَعْمَلُونَ} على قراءة الجمهور بالفوقية للخطاب، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم.
وقرأ أبو عمرو والسلمي وابن أبي إسحاق بالتحتية.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وكفى بالله وَكيلًا} أي اعتمد عليه وفوّض أمورك إليه، وكفى به حافظًا يحفظ من توكل عليه.
ثم ذكر سبحانه مثلًا توطئة وتمهيدًا لما يتعقبه من الأحكام القرآنية، التي هي من الوحي الذي أمره الله باتباعه فقال: {مَّا جَعَلَ الله لرَجُلٍ مّن قَلْبَيْن في جَوْفه}.
وقد اختلف في سبب نزول هذه الآية كما سيأتي، وقيل: هي مثل ضربه الله للمظاهر، أي كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى يكون له أمَّان، وكذلك لا يكون الدعيّ ابنًا لرجلين.
وقيل: كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا وقلب بكذا؛ فنزلت الآية لردّ النفاق، وبيان أنه لا يجتمع مع الإسلام كما لا يجتمع قلبان، والقلب بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة خلقها الله وجعلها محلًا للعلم.
{وَمَا جَعَلَ أزواجكم اللائي تظاهرون منْهُنَّ أمهاتكم} وقرأ الكوفيون وابن عامر: {اللائي} بياء ساكنة بعد همزة، وقرأ أبو عمرو والبزي بياء ساكنة بعد ألف محضة.
قال أبو عمرو بن العلاء: إنها لغة قريش التي أمر الناس أن يقرؤوا بها، وقرأ قنبل وورش بهمزة مكسورة بدون ياء.
قرأ عاصم: {تظاهرون} بضم الفوقية وكسر الهاء بعد ألف مضارع ظاهر، وقرأ ابن عامر بفتح الفوقية والهاء وتشديد الظاء مضارع تظاهر، والأصل: تتظاهرون.
وقرأ الباقون: {تظهرون} بفتح الفوقية وتشديد الظاء بدون ألف، والأصل تتظهرون.
والظهار مشتق من الظهر، وأصله: أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، والمعنى: وما جعل الله نساءكم اللائي تقولون لهنّ هذا القول كأمهاتكم في التحريم، ولكنه منكر من القول وزور وكذلك {مَّا جَعَلَ} الأدعياء الذين تدّعون أنّهم {أَبْنَاءكُمْ} أبناء لكم.
والأدعياء جمع دعيّ، وهو الذي يدعي ابنًا لغير أبيه، وسيأتي الكلام في الظهار في سورة المجادلة.
والإشارة بقوله: {ذلكم} إلى ما تقدّم من ذكر الظهار، والادعاء، وهو مبتدأ.
وخبره: {قَوْلُكُم بأفواهكم} أي ليس ذلك إلا مجرد قول بالأفواه ولا تأثير له، فلا تصير المرأة به أمًا ولا ابن الغير به ابنًا، ولا يترتب على ذلك شيء من أحكام الأمومة والبنوّة.
وقيل: الإشارة راجعة إلى الادّعاء، أي ادّعاؤكم أن ابناء الغير أبناؤكم لا حقيقة له، بل هو مجرّد قول بالفم {والله يَقُولُ الحق} الذي يحقّ اتباعه لكونه حقًا في نفسه لا باطلًا، فيدخل تحته دعاء الأبناء لآبائهم {وَهُوَ يَهْدي السبيل} أي يدلّ على الطريق الموصلة إلى الحق، وفي هذا إرشاد للعباد إلى قول الحق وترك قول الباطل والزور.
ثم صرّح سبحانه بما يجب على العباد من دعاء الأبناء للآباء فقال: {ادعوهم لآبَائهمْ} للصلب، وانسبوهم إليهم ولا تدعوهم إلى غيرهم، وجملة: {هُوَ أَقْسَطُ عندَ الله} تعليل للأمر بدعاء الأبناء للآباء، والضمير راجع إلى مصدر {ادعوهم}.
ومعنى {أقسط} أعدل، أي أعدل كلّ كلام يتعلق بذلك، فترك الإضافة للعموم كقوله: الله أكبر، وقد يكون المضاف إليه مقدّرًا خاصًا، أي أعدل من قولكم هو ابن فلان ولم يكن ابنه لصلبه.
ثم تمم سبحانه الإرشاد للعباد فقال: {فَإن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإخوَانُكُمْ في الدين وَمَوَاليكُمْ} أي فهم إخوانكم في الدين وهم مواليكم، فقولوا: أخي ومولاي ولا تقولوا: ابن فلان، حيث لم تعلموا آباءهم على الحقيقة.
قال الزجاج ويجوز أن يكون مواليكم أولياءكم في الدين.
وقيل: المعنى: فإن كانوا محررين ولم يكونوا أحرارًا، فقولوا: موالي فلان {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فيمَا أَخْطَأْتُمْ به} أي لا إثم عليكم فيما وقع منكم من ذلك خطأ من غير عمد، {ولكن} الإثم في {مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} وهو ما قلتموه على طريقة العمد من نسبة الأبناء إلى غير آبائهم مع علمكم بذلك.
قال قتادة: لو دعوت رجلًا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحيمًا} يغفر للمخطىء ويرحمه ويتجاوز عنه، أو غفورًا للذنوب رحيمًا بالعباد، ومن جملة من يغفر له ويرحمه من دعا رجلًا لغير أبيه خطأ.
أو قبل النهي عن ذلك.
ثم ذكر سبحانه لرسوله مزية عظيمة وخصوصية جليلة لا يشاركه فيها أحد من العباد فقال: {النبي أولى بالمؤمنين منْ أَنْفُسهمْ} أي هو أحقّ بهم في كلّ أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم فضلًا عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدّموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم.
وبالجملة فإذا دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره وجب عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم.
وقيل: المراد ب {أنفسهم} في الآية بعضهم، فيكون المعنى: أن النبيّ أولى بالمؤمنين من بعضهم ببعض.
وقيل: هي خاصة بالقضاء، أي هو أولى بهم من أنفسهم فيما قضى به بينهم.
وقيل: أولى بهم في الجهاد بين يديه وبذل النفس دونه، والأوّل أولى.
{وأزواجه أمهاتهم} أي مثل أمهاتهم في الحكم بالتحريم، ومنزلات منزلتهنّ في استحقاق التعظيم؛ فلا يحلّ لأحد أن يتزوج بواحدة منهنّ كما لا يحلّ له أن يتزوج بأمه، فهذه الأمومة مختصة بتحريم النكاح لهنّ وبالتعظيم لجنابهنّ، وتخصيص المؤمنين يدلّ على أنهنّ لسن أمهات نساء المؤمنين ولا بناتهنّ أخوات المؤمنين، ولا أخوتهنّ أخوال المؤمنين.
وقال القرطبي: الذي يظهر لي أنهنّ أمهات الرجال والنساء تعظيمًا لحقهنّ على الرجال والنساء كما يدلّ عليه قوله: {النبي أولى بالمؤمنين منْ أَنْفُسهمْ} وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة.
قال: ثم إن في مصحف أبيّ بن كعب: {وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم} وقرأ ابن عباس: {أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب وأزواجه أمهاتهم}.
ثم بين سبحانه أن القرابة أولى ببعضهم البعض فقال: {وَأُوْلُوا الأرحام بَعْضُهُمْ أولى ببَعْضٍ} المراد بأولي الأرحام: القرابات، أي هم أحقّ ببعضهم البعض في الميراث، وقد تقدّم تفسير هذه الآية في آخر سورة الأنفال، وهي ناسخة لما كان في صدر الإسلام من التوارث بالهجرة والموالاة.
قال قتادة: لما نزل قوله سبحانه في سورة الأنفال: {والذين ءامَنُوا وَلَمْ يُهَاجرُوا مَا لَكُمْ مّن وَلاَيَتهم مّن شَيْءٍ حتى يُهَاجرُوا} [الأنفال: 72]، فتوارث المسلمون بالهجرة، ثم نسخ ذلك بهذه الآية، وكذا قال غيره.
وقيل: إن هذه الآية ناسخة للتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، و{في كتاب الله} يجوز أن يتعلق بأفعل التفضيل في قوله: {أولى ببَعْضٍ} لأنه يعمل في الظرف، ويجوز أن يتعلق بمحذوف هو حال من الضمير، أي كائنًا في كتاب الله.
والمراد بالكتاب: اللوح المحفوظ أو القرآن أو آية المواريث، وقوله: {منَ المؤمنين} يجوز أن يكون بيانًا ل {أولوا الأرحام} والمعنى: أن ذوي القرابات من المؤمنين {والمهاجرين} بعضهم أولى ببعض، ويجوز أن يتعلق ب {أولي} أي وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض من المؤمنين والمهاجرين الذين هم أجانب.
وقيل: إن معنى الآية: وأولوا الأرحام ببعضهم أولى ببعض: إلا ما يجوز لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من كونهم كالأمهات في تحريم النكاح، وفي هذا من الضعف ما لا يخفى.
{إلاَّ أَن تَفْعَلُوا إلى أَوْليَائكُمْ مَّعْرُوفًا} هذا الاستثناء إما متصل من أعمّ العام، والتقدير: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كل شيء من الإرث وغيره، إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفًا، من صدقة أو وصية فإن ذلك جائز.
قاله قتادة والحسن وعطاء ومحمد بن الحنفية.
قال محمد بن الحنفية: نزلت في إجازة الوصية لليهودي والنصراني.
فالكافر وليّ في النسب لا في الدين، فتجوز الوصية له، ويجوز أن يكون منقطعًا، والمعنى: لكن فعل المعروف للأولياء لا بأس به، ومعنى الآية: أن الله سبحانه لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة أباح أن يوصى لهم.
وقال مجاهد: أراد بالمعروف النصرة وحفظ الحرمة بحق الإيمان والهجرة، والإشارة بقوله: {كَانَ ذَلكَ} إلى ما تقدّم ذكره، أي كان نسخ الميراث بالهجرة والمحالفة والمعاقدة، وردّه إلى ذوي الأرحام من القرابات {في الكتاب مَسْطُورًا} أي في اللوح المحفوظ، أو في القرآن مكتوبًا.